نقد كتاب مشروعية الاستخارة وأنها ليست من الاستقسام بالأزلام
البحث تأليف لطف الله الصافي الگلپايگاني وهو يدور الاستخارة والاستقسام وهو نقد لمقال كتبه محمود شلتوت أحد شيوخ الأزهر السابقين وفى هذا قال الصافى:
"قال الله تعالي (حرمت عليکم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أکل السبع إلا ما ذکيتم وما ذبح علي النصب وان تستقسموا بالأزلام)
قرأت في (رسالة الإسلام) التي تصدرها دار التقريب بالقاهرة جزء في تفسير القرآن الکريم للأستاذ الشهير (الشيخ محمود شلتوت) ووقفت فيه علي ما کتب حول تفسير هذه الآية الکريمة وقوله تعالي (وان تستقسموا بالأزلام)، وما اختاره فيه وقد ألحق فيما ألحق بالاستقسام بالأزلام، من الطرق بالحصي و ضرب الفول والرمل، الاستخارة من الله تعالي بالقرآن الکريم، وحبات السبحة المأثورة من أئمة أهل البيت و زعم أن کل ذلک ينافي احتفاظ الانسان بعقله، وان القرآن المجيد يصير بذلک- والعياذ بالله- أداة الشعوذة ولا يخفي عليک أنه إنما قال ما قال، لأنه لم يتحصل أولا معني الاستقسام بالأزلام، وثانيا لم يتفهم حقيقة الاستخارة، وانها لم ترد في مورد استقل العقل بحسن فعله أو ترکه، أو حکم الشرع برجحان فعله أو ترکه، ولا تنافي کرامة القرآن المجيد وكونه کتاب الهداية والإرشاد بالتي هي أقوم، کما أنه لا ينافي ذلک التبرک به وبآياته، وقراءته لأجل الثواب، و حصول بعض المقاصد کشفاء الأمراض مما هو مجرب ومأثور في الأحاديث الکثيرة المتواترة."
الرجل يرفض ما جاء فى بحث شلتوت عن حرمة الطرق بالحصي وضرب الفول والرمل، الاستخارة من الله تعالي بالقرآن الکريم، وحبات السبحة وهو يرجع هذا إلى تأثر شلتوت بالثقافة المادية فيقول:
"غير أن التأثر بالثقافة المادية المسيطرة علي الأفهام والمشاعر، يريد أن لا يقبل تأثير عالم الغيب في عالم الشهادة، ويريد أن لا يؤمن بعلل غير مادية وتأثيرات غيبية، فينکر أثر التوکل والتفويض والدعاء والصدقة ولذا تري بعضهم ينکرون معجزات الأنبياء، وما صدر منهم من خرق العادات في عالم المادة، کقلب العصا بالثعبان، ومعجزة صالح، وحوت يونس، واحياء الموتي، وابراء الأکمه والأبرص، و نصرة النبي (ص) بالملائکة ومن لا ينکر ذلک منهم يؤوله، ويري الإيمان به ضربا من الإيمان بالخرافات، ويعد إنکاره نوعا من الثقافة. وفتح باب ذلک في الکتاب والسنة، يقلب الشريعة ظهرا لبطن- أعاذنا الله من شر هذه الثقافات-."
الصافى هنا يرجع ما قاله شلتوت إلى شيوع الثقافة المادية وهو كلام ألقاه على عواهنه دون تقديم أى دليل وهو يعيب على الرجل أنه يعيد الأمور إلى الأخذ بالأسباب مع أن الله هو من طالبنا بذلك فى أقوال عدة منها :
" وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة"
وقوله :
" خذوا حذركم"
وقوله:
" قل انظروا ماذا فى السموات والأرض"
وقوله :
" ثم ارجع البصر كرتين"
ويكرر الرجل ان ما قاله شلتوت حول الطرق بالحصي وضرب الفول والرمل، الاستخارة من الله تعالي بالقرآن الکريم، وحبات السبحة فيقول عنها انها مظهر إيمانى فيقول:
"وفي الاستخارات المأثورة التي هي ليست إلا مظهرا من مظاهر الإيمان بالله وطلب الخير أومعرفته منه أيضا يتبعون هذه الثقافة التي ليست من التفکير الإسلامي بشيء، فينکرونها، ويلحقونها تارة بأفعال المشرکين وعاداتهم، و تارة بما لم يرد فيه حديث ورواية، ولم يثبت شرعيته من جانب الشرع."
وشرع الصافى فى نقل ما قاله شلتوت ورد عليه فقال:
"هذا ولزيادة البحث حول تفسير هذه الجملة الشريفة القرآنية، (وان تستقسموا بالأزلام)، نذکر کلام الشيخ المذکور، ثم نتکلم حول تفسيرها بحول الله وقوته
قول الشيخ محمود شلتوت في الاستخارة بالقرآن و حبات السبحة المأثورة من أئمة أهل البيت وتعريضه بأنه يشبه من وسائل الاستقسام:
"قال الشيخ محمود شلتوت (ويلحق بهذا النوع الذي حرمه الله علي الإنسان احتفاظا بعقله، ما يشبه من وسائل الاستقسام التي يعتادها الناس اليوم کالطرق بالحصي، و ضرب الفول والرمل، والاستخارة بحبات السبحة، ومن أقبح أنواع الاستخارة الاستخارة بالقرآن الکريم الذي جرت به عادة بعض المسلمين، وصار شأنا معروفا حتي عند أهل العلم والدين، وما کان الله ليرضي أن يکون کتاب هدايته وارشاده بالتي هي أقوم في الحياة العقلية والروحية والعملية، أداة الشعوذة أو لعبة يد عابث أومضلل أو محتال).
بداية لم يقل شلتوت أن من يقومون بتلك الضروب من الخبل هم الشيعة كما أوهمنا الصافى بتكرار كلامه أن هذا عمل أهل البيت وإنما قال بالنص الذى نقله الصافى "جرت به عادة بعض المسلمين"ولأن شلتوت عاش ومات فى مصر الحالية فهو يتحدث فى الغالب عما يقوم به بعض الصوفية والغجر والدجالين فى مصر وهو أمر ما زال مستمرا فى بعض جهات مصر الحالية
ثم ذكر الصافى الأقوال فى تفسير الاستقسام بالأزلام فقال:
"أقول: في تفسير الاستقسام بالأزلام أقوال:
القول الأول: أن المراد بالاستقسام بالأزلام، طلب معرفة الخير والشر
، وما قسم في مستقبل الحياة واستعلامها، من عند الأصنام. وعلل بعضهم حرمة ذلک علي تضمنه العقيدة بالأصنام، و رده بعضهم بأن ذلک لم يکن في جميع الأحوال عند الأصنام، فربما کان مع الرجل زلمان، يستقسم بهما إذا شاء. ويرد ذلک بأن هذا لا ينافي کون العلة تکريم الأصنام، فإن الظاهر أن الأصل في ذلک عندهم أن يکون عند الأصنام، وعند تعذر الحضور في بيت الصنم يستقسم بما معه من الأزلام، کما أن الظاهر أن هذا ليس من العلة المنحصرة، فيمکن أن يکون لحرمته علل اخري.
وكيف کان، قال في لسان العرب (قال الأزهري): الاستقسام مذکور في موضعه، والأزلام کانت لقريش في الجاهلية مکتوب عليها أمر و نهي، وافعل ولا تفعل، قد زلمت وسويت ووضعت في الکعبة، يقوم بها سدنة البيت فإذا أراد رجل سفرا أو نکاحا، أتي السادن، فقال: اخرج لي زلما. فيخرجه وينظر إليه، فإذا خرج قدح الأمر، مضي علي ما عزم عليه، وان خرج قدح النهي، قعد عما أراده، و ربما کان مع الرجل زلمان، وضعهما في قرابه، فإذا أراد الاستقسام أخرج أحدهما).
وقال أبو البقاء في تفسيره (کانت سبعة عند سادن الکعبة، عليها أعلام، کانوا يحکمونها فإن أمرتهم ائتمروا، وان نهتهم انتهوا).
و روي الطبري في تفسيره عن ابن إسحاق، قال: کانت هبل أعظم أصنام قريش بمکة، وكانت في بئر في جوف الکعبة، وكانت تلک البئر هي التي يجمع فيها ما يهدي للکعبة. وكانت عند هبل سبعة أقداح، کل قدح منها فيه کتاب- إلي أن قال: - کانوا إذا أرادوا أن يجيبوا غلاما، أو أن ينکحوا منکحا، أو أن يدفنوا ميتا، أو يشکوا في نسب واحد منهم، ذهبوا به إلي هبل بمائة درهم وبجزور، فأعطاها صاحب القداح الذي يضربها، ثم قربوا صاحبهم الذي يريدون به ما يريدون، ثم قالوا: يا إلهنا هذا فلان بن فلان، قد أردنا به کذا وكذا، فاخرج الحق فيه، الخ.
وهذا کما تري يدل علي عدم انحصار الاستقسام بالأزلام بمعرفة الخير والشر، بل يعمها ومعرفة الحق عند اختلافهم فکأنهم يحکمونها أو يحکمون الصنم الذي يستقسمون بالأزلام عنده.
وقال القفال: ذکر هذا في جملة المطاعم، لأنه مما أبدعه أهل الجاهلية، وكان موافقا لما کانوا فعلوه في المطاعم، وذلک أن الذبح علي النصب إنما کان يقع عند البيت، وكذا الاستقسام بالأزلام کانوا يوقعونه عند البيت إذا کانوا هناک.
وقال بعضهم: وانما حرم ذلک لأنهم کانوا يحملون تلک الأزلام عند الأصنام وهذا القول هو اختيار جمهور کما نقل الرازي في تفسيره.
إلا أن سياق الآية يأبي عن ذلک، فإن الله تعالي قال في أول السورة (أحلت لکم بهيمة الأنعام) ثم ذکر استثناء أشياء بقوله تعالي (إلا ما يتلي عليکم). وفي هذه الآية الکريمة ذکر تلک الصورة المستثناة، واستثناء الاستقسام علي هذا التفسير من العموم المستفاد من قوله تعالي (أحلت لکم بهيمة الأنعام) مع أنه ليس من المطاعم علي هذا القول لا يستقيم، و ذکره في جملة المطاعم أيضا ينافي هذا القول و توجيه القفال بعيد من الظاهر.
القول الثاني: ما نقله الرازي و غيره و هو أن الاستقسام هو الميسر المنهي عنه وقال: إنه قول المؤرج وكثير من أهل اللغة، و هو أن الاستقسام هو الميسر المنهي عنه، والأزلام، قداح الميسر. والي هذا يرجع ما حکي عن مجاهد من أنه کعاب فارس والروم التي کانوا يتقامرون بها، وما حکي عن أبي سفيان بن وکيع من أنه هو الشطرنج
وهذا القول إن کان راجعا إلي أن الاستقسام هو من افراد الميسر المنهي عنه، يرجع إلي القول الثالث المروي عن أهل البيت الطاهرة عليهم السلام، وإن کان المراد منه الاستقسام بمطلق الميسر، يرده السياق والظاهر، کما رددنا به القول الأول. نعم تفسير الأزلام بقداح الميسر وبما يتقامرون به لا ينافي هذا السياق.
القول الثالث: وهو القول الحق لأنه مروي عن أئمة أهل البيت
الذين جعلهم النبي (ص) عدلا للقرآن، وقال (إنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض).
وهذا القول کما في (مجمع البيان) وغيره، روي عن الإمام أبي جعفر محمد الباقر بن علي بن الحسين، وابنه جعفر بن محمد الصادق و هو (إن الأزلام عشرة، سبعة لها انصباء، و ثلاثة لا أنصباء لها، وكانوا يعمدون إلي الجزور فيجزءونه أجزاء، ثم يجتمعون عليه، فيخرجون السهام ويدفعونها إلي رجل، و ثمن الجزور علي من تخرج له التي لا أنصباء لها، وهو القمار، فحرمه الله تعالي).
و ذکر هذا القول، أبوالسعود في تفسيره إلا أنه ترک التنويه بذکر قائله ، فقال:
وقيل هو استقسام الجزور بالأقداح علي الانصباء المعهودة. و ذکره البيضاوي والسيوطي و غيرهما وقال الآلوسي في (روح المعاني): وقيل المراد بالاستقسام بالأزلام، استقسام الجزور بالأقداح علي الانصباء المعلومة، أي طلب قسم من الجزور أوما قسم الله تعالي منه، وهذا هوالميسر وقد تقدم ذلک وروي علي بن إبراهيم عن الأئمة الصادقين رضي الله تعالي عنهم، ورجح بأنه يناسب ذکره مع محرمات الطعام انتهي کلام الآلوسي.
وهذا القول، هو القول الموافق لسياق الآية وما قبلها من الآيات.
ومن هذا القول يعرف المنصف أن الأمة لو تمسکوا بالکتاب والعترة، واخذوا العلم من أهله، واتبعوا هدي أهل البيت أمنوا من الضلال والاختلاف ومن القول بغير علم و تفسير القرآن بالرأي، ويعرف أن رسول الله (ص) لم يأمر الامة بالرجوع إلي أهل بيته إلا لفضائل اختصهم الله بها، ولأن الله تعالي أمره بذلک.
البحث تأليف لطف الله الصافي الگلپايگاني وهو يدور الاستخارة والاستقسام وهو نقد لمقال كتبه محمود شلتوت أحد شيوخ الأزهر السابقين وفى هذا قال الصافى:
"قال الله تعالي (حرمت عليکم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أکل السبع إلا ما ذکيتم وما ذبح علي النصب وان تستقسموا بالأزلام)
قرأت في (رسالة الإسلام) التي تصدرها دار التقريب بالقاهرة جزء في تفسير القرآن الکريم للأستاذ الشهير (الشيخ محمود شلتوت) ووقفت فيه علي ما کتب حول تفسير هذه الآية الکريمة وقوله تعالي (وان تستقسموا بالأزلام)، وما اختاره فيه وقد ألحق فيما ألحق بالاستقسام بالأزلام، من الطرق بالحصي و ضرب الفول والرمل، الاستخارة من الله تعالي بالقرآن الکريم، وحبات السبحة المأثورة من أئمة أهل البيت و زعم أن کل ذلک ينافي احتفاظ الانسان بعقله، وان القرآن المجيد يصير بذلک- والعياذ بالله- أداة الشعوذة ولا يخفي عليک أنه إنما قال ما قال، لأنه لم يتحصل أولا معني الاستقسام بالأزلام، وثانيا لم يتفهم حقيقة الاستخارة، وانها لم ترد في مورد استقل العقل بحسن فعله أو ترکه، أو حکم الشرع برجحان فعله أو ترکه، ولا تنافي کرامة القرآن المجيد وكونه کتاب الهداية والإرشاد بالتي هي أقوم، کما أنه لا ينافي ذلک التبرک به وبآياته، وقراءته لأجل الثواب، و حصول بعض المقاصد کشفاء الأمراض مما هو مجرب ومأثور في الأحاديث الکثيرة المتواترة."
الرجل يرفض ما جاء فى بحث شلتوت عن حرمة الطرق بالحصي وضرب الفول والرمل، الاستخارة من الله تعالي بالقرآن الکريم، وحبات السبحة وهو يرجع هذا إلى تأثر شلتوت بالثقافة المادية فيقول:
"غير أن التأثر بالثقافة المادية المسيطرة علي الأفهام والمشاعر، يريد أن لا يقبل تأثير عالم الغيب في عالم الشهادة، ويريد أن لا يؤمن بعلل غير مادية وتأثيرات غيبية، فينکر أثر التوکل والتفويض والدعاء والصدقة ولذا تري بعضهم ينکرون معجزات الأنبياء، وما صدر منهم من خرق العادات في عالم المادة، کقلب العصا بالثعبان، ومعجزة صالح، وحوت يونس، واحياء الموتي، وابراء الأکمه والأبرص، و نصرة النبي (ص) بالملائکة ومن لا ينکر ذلک منهم يؤوله، ويري الإيمان به ضربا من الإيمان بالخرافات، ويعد إنکاره نوعا من الثقافة. وفتح باب ذلک في الکتاب والسنة، يقلب الشريعة ظهرا لبطن- أعاذنا الله من شر هذه الثقافات-."
الصافى هنا يرجع ما قاله شلتوت إلى شيوع الثقافة المادية وهو كلام ألقاه على عواهنه دون تقديم أى دليل وهو يعيب على الرجل أنه يعيد الأمور إلى الأخذ بالأسباب مع أن الله هو من طالبنا بذلك فى أقوال عدة منها :
" وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة"
وقوله :
" خذوا حذركم"
وقوله:
" قل انظروا ماذا فى السموات والأرض"
وقوله :
" ثم ارجع البصر كرتين"
ويكرر الرجل ان ما قاله شلتوت حول الطرق بالحصي وضرب الفول والرمل، الاستخارة من الله تعالي بالقرآن الکريم، وحبات السبحة فيقول عنها انها مظهر إيمانى فيقول:
"وفي الاستخارات المأثورة التي هي ليست إلا مظهرا من مظاهر الإيمان بالله وطلب الخير أومعرفته منه أيضا يتبعون هذه الثقافة التي ليست من التفکير الإسلامي بشيء، فينکرونها، ويلحقونها تارة بأفعال المشرکين وعاداتهم، و تارة بما لم يرد فيه حديث ورواية، ولم يثبت شرعيته من جانب الشرع."
وشرع الصافى فى نقل ما قاله شلتوت ورد عليه فقال:
"هذا ولزيادة البحث حول تفسير هذه الجملة الشريفة القرآنية، (وان تستقسموا بالأزلام)، نذکر کلام الشيخ المذکور، ثم نتکلم حول تفسيرها بحول الله وقوته
قول الشيخ محمود شلتوت في الاستخارة بالقرآن و حبات السبحة المأثورة من أئمة أهل البيت وتعريضه بأنه يشبه من وسائل الاستقسام:
"قال الشيخ محمود شلتوت (ويلحق بهذا النوع الذي حرمه الله علي الإنسان احتفاظا بعقله، ما يشبه من وسائل الاستقسام التي يعتادها الناس اليوم کالطرق بالحصي، و ضرب الفول والرمل، والاستخارة بحبات السبحة، ومن أقبح أنواع الاستخارة الاستخارة بالقرآن الکريم الذي جرت به عادة بعض المسلمين، وصار شأنا معروفا حتي عند أهل العلم والدين، وما کان الله ليرضي أن يکون کتاب هدايته وارشاده بالتي هي أقوم في الحياة العقلية والروحية والعملية، أداة الشعوذة أو لعبة يد عابث أومضلل أو محتال).
بداية لم يقل شلتوت أن من يقومون بتلك الضروب من الخبل هم الشيعة كما أوهمنا الصافى بتكرار كلامه أن هذا عمل أهل البيت وإنما قال بالنص الذى نقله الصافى "جرت به عادة بعض المسلمين"ولأن شلتوت عاش ومات فى مصر الحالية فهو يتحدث فى الغالب عما يقوم به بعض الصوفية والغجر والدجالين فى مصر وهو أمر ما زال مستمرا فى بعض جهات مصر الحالية
ثم ذكر الصافى الأقوال فى تفسير الاستقسام بالأزلام فقال:
"أقول: في تفسير الاستقسام بالأزلام أقوال:
القول الأول: أن المراد بالاستقسام بالأزلام، طلب معرفة الخير والشر
، وما قسم في مستقبل الحياة واستعلامها، من عند الأصنام. وعلل بعضهم حرمة ذلک علي تضمنه العقيدة بالأصنام، و رده بعضهم بأن ذلک لم يکن في جميع الأحوال عند الأصنام، فربما کان مع الرجل زلمان، يستقسم بهما إذا شاء. ويرد ذلک بأن هذا لا ينافي کون العلة تکريم الأصنام، فإن الظاهر أن الأصل في ذلک عندهم أن يکون عند الأصنام، وعند تعذر الحضور في بيت الصنم يستقسم بما معه من الأزلام، کما أن الظاهر أن هذا ليس من العلة المنحصرة، فيمکن أن يکون لحرمته علل اخري.
وكيف کان، قال في لسان العرب (قال الأزهري): الاستقسام مذکور في موضعه، والأزلام کانت لقريش في الجاهلية مکتوب عليها أمر و نهي، وافعل ولا تفعل، قد زلمت وسويت ووضعت في الکعبة، يقوم بها سدنة البيت فإذا أراد رجل سفرا أو نکاحا، أتي السادن، فقال: اخرج لي زلما. فيخرجه وينظر إليه، فإذا خرج قدح الأمر، مضي علي ما عزم عليه، وان خرج قدح النهي، قعد عما أراده، و ربما کان مع الرجل زلمان، وضعهما في قرابه، فإذا أراد الاستقسام أخرج أحدهما).
وقال أبو البقاء في تفسيره (کانت سبعة عند سادن الکعبة، عليها أعلام، کانوا يحکمونها فإن أمرتهم ائتمروا، وان نهتهم انتهوا).
و روي الطبري في تفسيره عن ابن إسحاق، قال: کانت هبل أعظم أصنام قريش بمکة، وكانت في بئر في جوف الکعبة، وكانت تلک البئر هي التي يجمع فيها ما يهدي للکعبة. وكانت عند هبل سبعة أقداح، کل قدح منها فيه کتاب- إلي أن قال: - کانوا إذا أرادوا أن يجيبوا غلاما، أو أن ينکحوا منکحا، أو أن يدفنوا ميتا، أو يشکوا في نسب واحد منهم، ذهبوا به إلي هبل بمائة درهم وبجزور، فأعطاها صاحب القداح الذي يضربها، ثم قربوا صاحبهم الذي يريدون به ما يريدون، ثم قالوا: يا إلهنا هذا فلان بن فلان، قد أردنا به کذا وكذا، فاخرج الحق فيه، الخ.
وهذا کما تري يدل علي عدم انحصار الاستقسام بالأزلام بمعرفة الخير والشر، بل يعمها ومعرفة الحق عند اختلافهم فکأنهم يحکمونها أو يحکمون الصنم الذي يستقسمون بالأزلام عنده.
وقال القفال: ذکر هذا في جملة المطاعم، لأنه مما أبدعه أهل الجاهلية، وكان موافقا لما کانوا فعلوه في المطاعم، وذلک أن الذبح علي النصب إنما کان يقع عند البيت، وكذا الاستقسام بالأزلام کانوا يوقعونه عند البيت إذا کانوا هناک.
وقال بعضهم: وانما حرم ذلک لأنهم کانوا يحملون تلک الأزلام عند الأصنام وهذا القول هو اختيار جمهور کما نقل الرازي في تفسيره.
إلا أن سياق الآية يأبي عن ذلک، فإن الله تعالي قال في أول السورة (أحلت لکم بهيمة الأنعام) ثم ذکر استثناء أشياء بقوله تعالي (إلا ما يتلي عليکم). وفي هذه الآية الکريمة ذکر تلک الصورة المستثناة، واستثناء الاستقسام علي هذا التفسير من العموم المستفاد من قوله تعالي (أحلت لکم بهيمة الأنعام) مع أنه ليس من المطاعم علي هذا القول لا يستقيم، و ذکره في جملة المطاعم أيضا ينافي هذا القول و توجيه القفال بعيد من الظاهر.
القول الثاني: ما نقله الرازي و غيره و هو أن الاستقسام هو الميسر المنهي عنه وقال: إنه قول المؤرج وكثير من أهل اللغة، و هو أن الاستقسام هو الميسر المنهي عنه، والأزلام، قداح الميسر. والي هذا يرجع ما حکي عن مجاهد من أنه کعاب فارس والروم التي کانوا يتقامرون بها، وما حکي عن أبي سفيان بن وکيع من أنه هو الشطرنج
وهذا القول إن کان راجعا إلي أن الاستقسام هو من افراد الميسر المنهي عنه، يرجع إلي القول الثالث المروي عن أهل البيت الطاهرة عليهم السلام، وإن کان المراد منه الاستقسام بمطلق الميسر، يرده السياق والظاهر، کما رددنا به القول الأول. نعم تفسير الأزلام بقداح الميسر وبما يتقامرون به لا ينافي هذا السياق.
القول الثالث: وهو القول الحق لأنه مروي عن أئمة أهل البيت
الذين جعلهم النبي (ص) عدلا للقرآن، وقال (إنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض).
وهذا القول کما في (مجمع البيان) وغيره، روي عن الإمام أبي جعفر محمد الباقر بن علي بن الحسين، وابنه جعفر بن محمد الصادق و هو (إن الأزلام عشرة، سبعة لها انصباء، و ثلاثة لا أنصباء لها، وكانوا يعمدون إلي الجزور فيجزءونه أجزاء، ثم يجتمعون عليه، فيخرجون السهام ويدفعونها إلي رجل، و ثمن الجزور علي من تخرج له التي لا أنصباء لها، وهو القمار، فحرمه الله تعالي).
و ذکر هذا القول، أبوالسعود في تفسيره إلا أنه ترک التنويه بذکر قائله ، فقال:
وقيل هو استقسام الجزور بالأقداح علي الانصباء المعهودة. و ذکره البيضاوي والسيوطي و غيرهما وقال الآلوسي في (روح المعاني): وقيل المراد بالاستقسام بالأزلام، استقسام الجزور بالأقداح علي الانصباء المعلومة، أي طلب قسم من الجزور أوما قسم الله تعالي منه، وهذا هوالميسر وقد تقدم ذلک وروي علي بن إبراهيم عن الأئمة الصادقين رضي الله تعالي عنهم، ورجح بأنه يناسب ذکره مع محرمات الطعام انتهي کلام الآلوسي.
وهذا القول، هو القول الموافق لسياق الآية وما قبلها من الآيات.
ومن هذا القول يعرف المنصف أن الأمة لو تمسکوا بالکتاب والعترة، واخذوا العلم من أهله، واتبعوا هدي أهل البيت أمنوا من الضلال والاختلاف ومن القول بغير علم و تفسير القرآن بالرأي، ويعرف أن رسول الله (ص) لم يأمر الامة بالرجوع إلي أهل بيته إلا لفضائل اختصهم الله بها، ولأن الله تعالي أمره بذلک.